كتبت : ميليسا دالتون 6 نوفمبر 2014
ترجم : أحمد بدوي 11 نوفمبر 2014
وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل يلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية لمجلس التعاون الخليجي
14 مايو 2014
|
في الوقت الذي تتوسع فيه المناقشات العامة حول التدخل العسكري الأمريكي في العراق وسوريا, فقد نجحت الولايات المتحدة في ضم العديد من دول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في القتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية المعروف بداعش. ولكن هل يمكن للمشاركة الفعالة لدول مجلس التعاون الخليجي في الحرب أن تكون بداية لشئ ما أكثر دوامًا وأكثر قابلية للإعتماد عليه؟
ربما يكون من المبكر البدء بتقييم التأثير العسكري الذي ستحدثه مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي في عملية (الحل الأصيل) إلا أن تلك المشاركة تثير عدة تساؤلات حول تأثير ذلك على مستقبل أمن المنطقة. لعقود استثمرت الولايات المتحدة في بناء القدرات العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي وشجعتها على تقوية أنشطتها وبنيتها التحتية للتعاون الأمني الجماعي. وعادة ماكانت تخفت الجهود المبذولة لدعم المزيد من التماسك والتعاون بين دول المجلس. فالتنافس الإقليمي بين دول المجلس والريبة تجاه نفوذ السعودية ومؤخرًا الدعم القطري للإسلاميين المتشددين والمذموم من باقي دول المجلس كلها عوامل قوضت من فرصة الاستفادة الحقيقية منه كآلية لتحقيق الأمن.
تفضل دول مجلس التعاون الخليجي أن تتعامل بشكل منفرد مع الولايات المتحدة الأمريكية , لكن عندما توجد المصالح المشتركة وترتفع درجات المخاطر تظهر الرغبة لديهم للعمل سويًا. لقد دعمت دول مجلس التعاون الخليجي تحالف حرب الخليج لطرد صدام حسين من الكويت في 1991. ووفرت كلًا من الإمارات العربية المتحدة وقطر غطاءً سياسيًا للتدخل في ليبيا في 2011 مع اسهامها في العمليات الجوية وعمليات القوات الخاصة. تهديد الهيمنة الإيرانية الشيعية - وربما النووية أيضًا - قد حشد دول المجلس ذات القيادة السنية لتقوية دفاعاتهم من الصواريخ الباليستية ورفع قدرات قواتهم البحرية والجوية ودعم المبادرات متعددة الأطراف خلال العقد الماضي. واليوم فإن القلق العميق بشأن تزعم داعش للتطرف السني ومكاسبها السريعة على الأرض قد حث دول المجلس للمشاركة بفعالية في عملية (الحل الأصيل).
كافحت الولايات المتحدة في الفترات مابين الأزمات لتحافظ على التعاون بين دول الخليج ولتنسج معهم آليات وقدرات سوف تحسن من قدرة دول المجلس على الدفاع عن نفسها خلال الأزمة القادمة , مع الحفاظ في الوقت ذاته على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة. بعد الانتفاضات العربية في 2011 واجهت الولايات المتحدة أيضًا وبشكل متزايد معضلة استمرار الاعتماد على الدول الأكثر ديكتاتورية في المنطقة لتحقيق أهدافها الأمنية بغض النظر عن أى أهداف تتعلق بحقوق الانسان في المنطقة. مشاركة دول الخليج في عملية البنتاجون (الحل الأصيل) لا يزيد فقط من أهمية هذه الأسئلة ولكن أيضًا يضيف أبعادًا جديدة للمخاطر والفرص فيها.
مشاركة أعضاء مجلس التعاون الخليجي في المهمة ضد داعش يفتح الباب أمام المخططين العسكريين الأمريكيين لدراسة كيف يمكن للدول الأعضاء فيه المساهمة في حل عدد من الأزمات المستقبلية. أولا, ما الذي يمكن لقادة العسكرية الأمريكية تعلمه عن قدرات دول مجلس التعاون ويمكن أن يفيد في المهام المستقبلية؟ يمكن أن تكون القدرات الاضافية الأشد دقة والأكثر تعقيدًا للهجوم والقيادة – خاصة لدى السعودية والامارات – مفيدة. كما يمكن لتعزيز المناورات الجوية والتدريبات أن يرفع من قدراتهم. وجود مجلس تعاون خليجي أكثر تماسكًا وجاهزية للقتال يمكنه أن يساعد في منع ايران من التراجع عن إلتزاماتها في أى إتفاقية نووية. ولتحقيق هذه الغاية يجب على الولايات المتحدة أن تشجع الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي على اعطاء الأولوية لإستثماراتهم في مناورات رفع قدرات قوات العمليات الخاصة والبحرية جنبًا إلى جنب مع رفع قدرات قوات الهجوم والدفاع الجوي.
ثانيًا , فإن المشاركة الفعالة للدول أعضاء مجلس التعاون الخليجي في العملية ضد داعش تتحدى افتراضات وضعت من عشرات السنوات عن قدراتهم العسكرية ورغبتهم السياسية في استخدامها. لسنوات أُنتقدت دول المجلس بسبب جمع ألعاب براقة بدون الاستثمار الضروري في التدريب والصيانة لتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها وتمتلك قدرات عسكرية حقيقية. بالطبع العقبات ستظل موجودة ومستوى الاستعداد في دول المجلس المختلفة مريب ومتغير, لكن قدرة طائرات الخليج المقاتلة على الانتشار بجانب مقاتلات الولايات المتحدة عندما استدعيت هى حقيقة جديرة بالملاحظة. اذا كان لدى أعضاء مجلس التعاون مصالح قوية في حل أزمة ما فإنهم يبدون الآن قادرين ولديهم الإرادة السياسية للمخاطرة.
مخاطر عديدة تعقد من الجهود الحالية للولايات المتحدة للإستفادة من مستوى القدرات العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي.
أولا : فيما يخص العملية التي تجرى الآن فإن إلتزام دول مجلس التعاون الخليجي بالتحالف قد يتبخر مع الوقت إذا ما اختلفت أهدافهم السياسية مع أهداف التحالف. القضاء على داعش ماديًا ومعنويًا سوف يستغرق سنوات. وبينما ترغب دول المجلس في السير في مسار موازي في سوريا ضد داعش وبشار الأسد فإن الولايات المتحدة تعطي الأولوية للجهود العسكرية ضد داعش في العراق في المدى القريب. غياب استراتيجية للتحالف لإجبار الأسد على التنازل عن السلطة قد يدفع دول المجلس لسحب دعمها عن مهمة استهداف داعش مع الوقت أو لتنشيط دعمها للمجموعات المسلحة المختلفة والمتقاتلة المعارضة للأسد, مما يطيل من أمد الحرب الأهلية السورية.
ثانيًا : في النهاية فسوف تتصرف دول المجلس منفردة وفقًا لمصالحها في المنطقة. هذه ليست ملحوظة صادمة ولكنها مهمة لإن هذه الدول ربما تفرض سياسات أو تشارك في عمليات عسكرية بدون تنسيق أو بعيدة عن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. على سبيل المثال فإن الإمارات ومصر قد نفذوا في أغسطس طلعات جوية ضد المسلحين في ليبيا وهو ماأخذ الولايات المتحدة على حين جرة. وتحت غطاء مجلس التعاون الخليجي نشرت المملكة السعودية قوات درع الخليج للمساعدة في اخماد الانتفاضة الشيعية في البحرين 2011, رغم ان الولايات المتحدة كانت تفضل أن تقلل من التوتر بين النظام والمحتجين عبر الحوار. والآن فإن التقارير تشير إلى قيام دول مجلس التعاون بتشكيل تحالف عسكري مع مصر لمواجهة المسلحين الاسلاميين في المنطقة.الإنتفاضات العربية التي بدأت في 2011 أنزلقت لمرحلة مظلمة وعنيفة , فماذا لو واجهت احدى الدول الشريكة في مجلس التعاون الخليجي تمرد داخلي أثناء الحملة على داعش وقامت تلك الدولة بقمع المعارضين بقوة , فكيف ستتصرف الولايات المتحدة؟
ثالثا , قد يؤدي التحرك العسكري النشيط لدول المجلس لإثارة قلق اسرائيل, حتى لو كانت تحركاتها لا تمس نطاق الأراضي أو المصالح الإسرائيلية. ويمكن أن يعقد هذا من جهود الولايات المتحدة لتسليح دول المجلس. تلتزم الولايات المتحدة بأمن اسرائيل , ويجب عند النظر في بيع او تصدير الخدمات والبنود الدفاعية لإحدى دول الشرق الأوسط فإنه يجب على الإدارة - بقوة القانون - أن تتأكد أن تلك البنود لن تؤثر سلبًا على التفوق الاسرائيلي النوعي أمام المخاطر العسكرية التي تواجهها.
تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية يمكن حشد دول مجلس التعاون الخليجي على قضية مشتركة. وقد أثبتت دول المجلس قدراتها العسكرية المتزايدة وارادتها السياسية للمشاركة في الحرب. التعاون الوثيق والتخطيط الاستراتيجي والتدريب والمناورات والعمليات المشتركة يمكن أن تساعد على ضمان وحدة الهدف في المنطقة من الآن فصاعدًا. مع ذلك فمع انقشاع الغبار في النهاية فإنه يجب على ادارة أوباما والكونجرس اعادة تقييم دعمهم لأمن شركاءهم الخليجيين بالنسبة لباقي أهداف واشنطون في المنطقة , مع الأخذ في الإعتبار أن لدول المجلس أجنداتهم الخاصة التي ربما تتقاطع أو لا تتقاطع مع أهداف الولايات المتحدة . لن يكون الأمر سهلًا.
=========================================
لمطالعة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية : أضغط هنا
ترجمه للغة العربية أحمد بدوي 11 نوفمبر 2014
No comments:
Post a Comment