كتب جوناثان ماسترز 14 نوفمبر 2014
ترجم أحمد بدوي 20 نوفمبر 2014
قاذفة روسية بعيدة المدى - الصورة من طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية البريطانية
في 29 أكتوبر 2014
|
عانى الجيش الروسي
لسنوات من الإهمال بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ولم يعد يمثل قوة عظمى. ولكن القوات المسلحة الروسية تمر الآن بعملية
اصلاح تاريخية ستؤدي لعواقب سياسية وأمنية يوروآسيوية خطيرة. يقول المسئولون الروس
أن الإصلاحات ضرورية لنقل الجيش من حقبة الحرب الباردة للقرن الواحد والعشرين, بينما
يخشى العديد من المحللين الغربيين أن ذلك سوف يمكّن روسيا من انتهاج سياسة خارجية
أكثر عدوانية والتي عادةً ماتعتمد على القوة للتجبر على جيرانها الأضعف. ويقول
البعض أن التدخلات الروسية في كلًا من جورجيا في 2008 وأوكرانيا في 2014 - كلاهما
جمهورية سوفيتية سابقة تسعى للتقارب مع الغرب - تظهر أن الرئيس فلاديمير بوتين مستعد
لإستخدام القوة لإعادة الهيمنة الروسية على محيطها القريب.
ماهى القدرات التقليدية
للجيش الروسي؟
تعد القوة العسكرية
التقليدية لروسيا ضخمة بالنسبة لجيرانها الأوروبيين الشرقيين والوسط آسيويين في
كلًا من عدد القوات والعتاد العسكري (أنظر الجدول 1) والعديد من تلك الدول
جمهوريات سوفيتية سابقة في تحالف وثيق مع موسكو. تتحالف روسيا عسكريًا مع كل من
أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرجيكستان وطاجيكستان من خلال منظمة معاهدة الأمن
الجماعي والتي شُكِلَت في 1992. كما تضع موسكو قوات كبيرة في المنطقة: 3200 جندي في
أرمينيا , و7000 في مناطق أبخازيا وجنوب أوستيا المنفصلة عن جورجيا, و1500 في
منطقة ترانسنستريا المنفصلة عن مولدوفا, و500 في قرجيكستان و5000 في طاجيكستان
بيانات القوة التقليدية : البند الأول الدولة - الثاني عدد الجنود - الثالث عدد الدبابات - الرابع الطائرات المقاتلة كما يشير التظليل للدول المشاركة في منظمة معاهدة الأمن الجماعي |
وكجزء من اصلاحاتها
الدفاعية فسوف تتحول معظم القوات الروسية البرية لقوات احترافية ويعاد تنظيمها
لتتكون تشكيلاتها من عدد أقل من الجنود لتكون صالحة للمواجهات ذات الكثافة
المنخفضة والمتوسطة. ولكن في المستقبل المنظور سوف يظل الاعتماد على القوات من مجندين
العام الواحد والتدريب المحدود (الخدمة العسكرية اجبارية في روسيا للرجال من سن 18
حتى 27 عام). وتتألف القوات الهجومية المحمولة جوًا من حوالي 35000 جندي يتبع
قائدهم بوتين مباشرة, وهى نخبة القوة الروسية لمواجهة الأزمات. وإدارة للعمليات
الخاصة تتبع أيضًا بوتين مباشرة تم انشاؤها في 2013 لتولي العمليات الخاصة خارج
الحدود الروسية.
تعتزم موسكو اعادة
تسليح اقليمها القطبي وتقوم بإعادة تشغيل مطارات وموانئ الحقبة السوفيتية للمساعدة
في حماية مواردها المائية الهامة وخطوطها الملاحية. ولدى روسيا الأسطول الأكبر في
العالم من كاسحات الثلوج والتي تستخدم عادة في التنقل في هذه المياه. كما أمر
بوتين وفي أواخر 2013 بإنشاء قيادة عسكرية استراتيجية جديدة تختص بالأراضي القطبية
الروسية.
في نفس الوقت لاتزال
إعادة التسليح بطيئة حيث تنتمي الكثير من المعدات العسكرية للعقود السابقة. وحسب
قول الخبراء فإن ما كان يومًا أسطولًا سوفييتيًا ضخمًا أصبح اليوم قوة صغيرة
لحماية السواحل. وكل سفن الأسطول الضخمة حتى سفينة القيادة (حاملة الطائرات غير
النووية كزنتسوف) تعد من بقايا الحرب الباردة. (للمقارنة فإن الولايات المتحدة
الأمريكية تمتلك عشر حاملات طائرات نووية وتبني العديد من السفن الحربية كل عام).
وستظل القوة الجوية لروسيا محدودة على الأقل في المدى القريب. وتقوم شركة صناعة
الطائرات سوخوى بتطوير عدد من الطائرات الحديثة منها الجيل الخامس من الطائرة
الشبح T-50,ولكن
الانتاج بطئ في بعض الحالات ومعظم القوة الجوية الحالية تعود للثمانينات.
وقد وضعت روسيا أولوية
عظمى في برنامجها لإعادة التسليح لتحديث دفاعاتها الجوية والفضائية, حيث أنشأت
قيادة موحدة للدفاع الجوي والفضائي في 2011. وتعد منظومة S-400
عماد هذه الشبكة الدفاعية, وهى منظومة صواريخ أرض جو بمدى من متوسط لطويل, وتنتشر بالقرب
من موسكو والمواقع الإستراتيجية في القطر الروسي. ويتم الآن تطوير منظومة S-500
الأكثر تطورًا.
ماهى القدرات النووية
الروسية؟
لا تزال ترسانة الأسلحة
النووية الروسية الضخمة على قدم المساواة مع الولايات المتحدة وتعد تلك هى الخاصية
الوحيدة المتبقية من خصائصها كدولة عظمى حسب قول الخبراء. فلدى روسيا 1500 رأس نووي
استراتيجي محملة على صواريخ باليستية عابرة للقارات وغواصات وقاذفات ثقيلة. وهذه
الأعداد تتوافق مع معاهدة (البداية الجديدة) مع الولايات المتحدة والتي دخلت حيز
التنفيذ في فبراير 2011. ويعتقد أيضًا أن لدى روسيا 2000 رأس نووي تكتيكي (والتي
تعرف أيضًا برؤوس مسرح العمليات أو الرؤوس الميدانية).
وتعتمد روسيا على الردع
النووي بديلًا عن ضعف قوتها التقليدية في أعقاب سقوط الإتحاد السوفييتي. وقد أدى قصف
الناتو ليوغوسلافيا في عام 1999 إلى زيادة مخاوف الكرملين من أن يعيق التحالف الذي
تقوده الولايات المتحدة قدرة روسيا على التحرك في المنطقة. فقامت موسكو بتخفيض
عتبتها النووية في عام 2000 مما يسمح بإستخدام هذه الأسلحة ردًا على الهجمات
التقليدية. وللمقارنة فإن عقيدة الدولة السوفيتية أختصت الأسلحة النووية بالإستخدام
في حالة الرد على هجوم نووي فقط.
يتم تحديث جزء كبير من
سلاح الردع الروسي: فسوف تدخل فئة جديدة من الغواصات ذات الصواريخ الباليستية
للخدمة كما يتم تحديث بعض القاذفات بعيدة المدى وهناك خطط لإحلال وتبديل جميع
الصواريخ الباليستية عابرة القارات التي تعود للحقبة السوفيتية خلال العقد المقبل
أو نحو ذلك.
ماهى الميزانية
العسكرية الروسية؟
تضاعفت الميزانية
العسكرية الروسية خلال العقد الماضي لتصل إلى مايقرب 90 مليار دولار خلال عام
2013( أنظر شكل 2) لتكون التالية للصين صاحبة ميزانية ال 188 مليار دولار والولايات
المتحدة صاحبة ميزانية ال 640 مليار دولار وفقًا لمؤسسة أستكهولم لأبحاث السلام
العالمي. (تتضمن البيانات تمويل الخدمات العسكرية والقوات شبه النظامية وأنشطة
الفضاء العسكرية والمعونات العسكرية الأجنبية وبحوث التطويرات العسكرية).
واستفاد الإنفاق العسكري
الروسي من الطفرة في أسعار الطاقة العالمية خلال العقد الماضي , حيث يمثل الغاز
والبترول نصف ايرادات الحكومة الإتحادية وفقًا للإدارة الأمريكية لمعلومات الطاقة.
وفي 2014 فإن روسيا قد حققت نصف برنامج العشر سنوات للتحديث العسكري والبالغ 700
مليار دولار مع اعطاء الأولوية للأسلحة النووية بعيدة المدى والطائرات المقاتلة
والسفن والغواصات والدفاعات الجوية والاتصالات والاستخبارات.
ويقول المحللون أنه يجب
رؤية النفقات الأخيرة في سياقها. أولًا انخفضت نفقات الدفاع بقوة خلال التسعينات
ولاتزال تحت المستوى السوفييتي. ثانيًا لايزال الإنفاق الروسي لكل جندي بسيطًا
بالنسبة لما تنفقه الولايات المتحدة والكثير من حلفاءها على الجندي الواحد. ثالثًا
معدلات التضخم العالية في التصنيع الدفاعي والفساد المستشري يستهلكان جزء كبير من
الموارد المخصصة حديثًا. وأخيرًا فإن الإنفاق العسكري الروسي يرتبط ارتباطًا
وثيقًا بأسعار الطاقة العالمية والذي يمكنه أن يتذبذب بشدة. يربط العديد من
المحللين انخفاض أسعار البترول للثلث في منتصف الثمانينات بسقوط الاتحاد السوفييتي
في 1991.
ما الذي دفع لهذه
الإصلاحات؟
معركة الخمس أيام مع
جورجيا في أغسطس 2008 أظهرت عيوب خطيرة في نظم القيادة والتحكم والمعدات والتسليح
والتخابر - وأكدّت على أن نظام الحشد والتعبئة العسكري الروسي - حيث يمكن لملايين
المجندين الزحف لحماية ارض الوطن قد عفى عليه الزمن.
ويمكن القول أن الحرب
الجورجية كانت هى الحرب الأخيرة في القرن العشرين للقوات المسلحة الروسية بمعنى
أنها حوربت بإستخدام التنظيم والتكتيكات والمعدات التي صممت في القرن الماضي , كما
كتب روجر ن. ماكدرموت , الخبير الأسيو أوروبي لدى مؤسسة جيمس تاون في 2009.
في الأسابيع التالية
للحرب الجورجية ألزم وزير الدفاع أناتولي سرديوكوف (اصلاحي نافذ عينه بوتين) الجيش
بإجراء تعديلات كبيرة تتضمن تخفيض ضخم للقوات (من 1.2 إلى 1 مليون جندي) واعادة التسليح
والتنظيم ليصبح الجيش قوة محترفة قادرة على التصرف السريع خلال الأزمات الحادة.
يقول الخبراء الذين
يقيِّمون وضع الإصلاح الذي بدأ في أواخر 2013 بأنه يفتقر للإتجاه الإستراتيجي ويعاني
من أخطاء ضخمة في التخطيط كما توقعوا مواجهة عددًا من التحديات المتعلقة بالأفراد
والتمويل والمشتريات خلال الأعوام القادمة. مع ذلك يقرون بأن تلك الإصلاحات قد أدت
لقفزات هائلة. حيث ورد في تقرير مؤسسة الدراسات الإستراتيجية أن "ليس هناك شك
بأن روسيا مابعد التحول العسكري سوف يكون لديها قوة مختلفة تمامُا عن تلك التي
دخلت بها معركة جورجيا في 2008 , قوة أكثر فعالية ومرونة وقابلة للتكيف والتطوير
لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الروسية".
ما الذي تعتبره روسيا
تهديدًا؟
يعلم قادة روسيا أن
التهديد بغزو بري واسع من قِبَل قوات الناتو أصبح ضعيفًا - وهو الذي كان على قمة
مخاوف الحرب البادرة - ولكنهم يداومون على انتقاد توسعات الحلف شرقًا بما في ذلك
خططه لنشر منظومة دفاع باليستية عبر أوروبا. وتقول الولايات المتحدة الأمريكية
التي طورت تلك التقنية أن هذا النظام مصمم فقط للحماية ضد الهجمات الصاروخية
المحدودة من الدول "الشريرة" مثل ايران ولكن موسكو تعتقد بأن تلك
التقنية يمكن أن تُحَدّث مما يخل بالتوازن النووي الاستراتيجي. كما أعرب بوتين
وقادته العسكريين مرارًا عن مخاوفهم من تطوير منافسي روسيا للأسلحة الهجومية
التقليدية الدقيقة.
تعتقد موسكو أن مايسمى
بالثورات الملونة - سلسلة من الانتفاضات الشعبية في دول الإتحاد السوفييتي السابق
- ماهى إلا محاولات رتبت لها الولايات المتحدة وحلفاؤها لتقليص النفوذ الروسي في
المنطقة. "يبدو أن السياسة الخارجية الروسية ترتكز على مزيج من المخاوف من
الاحتجاجات الشعبية ومعارضة هيمنة الولايات المتحدة على العالم, كلاهما يبدوان
كتهديدات لنظام بوتين" وفقًا لديمتري جورنبرج خبير العسكرية السوفيتية لدى
مركز التحليلات البحرية في فرجينيا.
ويعتقد العديد من
المحللين الغربيين والروس أن مخاوف موسكو من الناتو عادة ماتكون مبالغة وتصرف
الإنتباه عن مخاطر حقيقية أخرى مثل التي تلوح في محيط روسيا الجنوبي والتي تتضمن
تمردات عرقية في شمال منطقة القوقاز وانتشار السلاح والعودة المحتملة لطالبان في
أفغانستان
ماهى أهداف روسيا
الاستراتيجية في المنطقة؟
تحديث الجيش سوف
يُمَكِّن الدولة ذات المساحة الأكبر في العالم (وأحدى أقل الدول كثافة سكانية) من
الدفاع عن أراضيها الشاسعة ومصالحها القومية بشكل أفضل. ولكن الصراع في أوكرانيا
وجورجيا زاد المخاوف بشأن عدوانية روسيا, وتحديدًا رغبة بوتين في استخدام القوة
العسكرية بشكل منفرد للحفاظ على مجال النفوذ الروسي التقليدي.
قبل ضم كريميا بوقت
قصير في مارس 2014 قال بوتين أنه سوف يدافع عن حقوق الروس في الخارج, وفي أبريل
أشار إلى مساحة واسعة من الأراضي الأوكرانية ب(نوفوروسيا) أى روسيا الجديدة, وهو
المصطلح الذي كان مستخدمًا إبان الإمبراطورية الروسية. ووفقًا للناتو وللمسئولين
الأوكرانيين فقد أمدت موسكو المتمردين من العرق الروسي في شرق أوكرانيا بالتدريب والأفراد
والتسليح الثقيل بما في ذلك الدبابات والصواريخ المضادة للطائرات. وفي نوفمبر
أعترفت روسيا بالإنتخابات التي أجراها المتمردون في المناطق المنفصلة دونتسك
ولوهانسك, وهى الخطوة التي كررت الإعتراف الروسي المنفرد بالحركات الإنفصالية في
أبخازيا وجنوب أوستيا بعد الحرب في جورجيا في 2008.
ولكن الإصرار الروسي
كان له ثمن. حيث قامت مجموعة الثمانية (أصبحت الآن سبعة) بطرد موسكو من نادي
النخبة في مارس. كما يواجه المسئولون والبنوك ورجال الأعمال الروس سلسلة من
العقوبات الغربية التي يمكن أن تدفع الإقتصاد للركود. وسوف يعاني الجيش الروسي
أيضّا. فقد أخرت فرنسا تسليم أول مركبة برمائية من اثنتين من طراز ميسترال وأصبح
التعاون الصناعي-الدفاعي بين روسيا وأوكرانيا في خطر.
كما يقول الخبراء أنه
ربما يكون هناك عواقب سياسية داخلية في المستقبل. "فالتصنيف العرقي الذي
يستند إليه بوتين والذي تفوح منه رائحة القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن
العشرين هو سلاح ذو حدين" كما كتب ستروب تالبوت رئيس مؤسسة بروكنجز في أغسطس
2014. فقد تتقلص بسببه الأراضي الروسية حيث أن مساحات شاسعة من البلاد تسكنها
مجموعات عرقية غير روسية والذين من غير المتوقع أن يرحبوا أو - على المدى البعيد -
يتسامحوا مع الشوفينية الروسية في الكرملين
ماهى استراتيجية
الولايات المتحدة والناتو نحو روسيا؟
يعيد قادة التحالف
تقييم الدفاعات في أوروبا خاصة في الشرق. ومنذ ضم الروس لكريميا ضاعف الناتو
طائراته الحربية التي تراقب البلطيق ل16 طائرة وقد شهدت تلك الطائرات زيادة ضخمة
في الإستفزازات التي تشترك فيها الطائرات الروسية. كما أعلن الناتو عن خططه لإنشاء
قوة جديدة للرد السريع - قوة المهام المشتركة عالية الجاهزية – المكونة من حوالي
5000 جندي. ويقول الخبراء أنها سوف تكون جاهزة بالكامل في أوائل 2016 وسوف تخدم
كوحدة نخبة فرعية لقوة الرد الخاصة بالناتو والتي تتكون من 13000 جندي.
بعض المحللين ينصحون
التحالف بتبني استراتيجية مختلفة للاحتواء عن تلك المستخدمة في الحرب الباردة.
"التخلي عن أى أمل للعودة للعمل العادي, زيادة قوة الدفاع عن دول البلطيق
وبولندا , فضح الفساد الروسي في الغرب , فرض عقوبات شاملة على سفر النخبة الروسية
, مساعدة أوكرانيا واعادة اطلاق التحالف الأطلنطي" كما كتب الصحفي الإنجليزي
الخبير في الشئون الروسية ادوارد لوكاس.
تقول جانين ديفيدسون
الخبيرة في الاستراتيجيات العسكرية والدفاعية لدى مجلس العلاقات الخارجية أنه يجب
على دول الناتو التحضير لتكتيكات حرب العصابات التي أستخدمتها روسيا في شرق
أوكرانيا. "يجب على الناتو الأخذ في الإعتبار ماقد يحدث إذا ومتى ظهر أولئك
الرجال المسلحون جيدا والغير مميزون (مثل قوات العمليات الخاصة) والمنضبطين بشكل
مريب في أحدى دول الناتو مثل ايستونيا أو لاتفيا (تحتوي الأولى على 24% والثانية
على 27% من العرق الروسي) ثم بدأوا في الزحف لغزو آخر"
No comments:
Post a Comment