Friday, November 14, 2014

أستاذ اسرائيلي: هل يجب على امريكا قطع المعونة العسكرية عن مصر؟

هل يجب على واشنطن وقف معونتها لمصر بعد تولي قيادتها الجديدة؟

كتب: يهودا بلانجا
ترجم للغة العربية: أحمد بدوي 


              رغم توقيعها لمعاهدة سلام مع اسرائيل إلا أن القوات المسلحة المصرية تستمر في استقبال الآلاف من الدبابات والمئات من الطائرات من واشنطن. ووفقًا لشانا مارشال من جامعة واشنطن "لا يوجد سيناريو يمكن تصوره يمكن أن يحتاجوا فيه لكل هذه الدبابات إلا الغزو الفضائي"

بعد عقدين من انهيار الإتحاد السوفييتي وماترتب عليه من ضعف للمعسكر العروبي المتشدد, وبعد عقدين ونصف من توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وانتهاء الخطر الأكبر على الأمن المصري, فإن احتفاظ مصر بآلاف الدبابات ومئات الطائرات المقاتلة يبدو بلا معنى. ومع ذلك فإن وقف واشنطن لمعونتها العسكرية البالغة 1.3 مليار دولار سنويا بعد اطاحة الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي أثار عاصفة من الغضب مع تهديد السلطة العسكرية بالرجوع لكفيلها الروسي السابق.

 لماذا تستمر القاهرة في الالتزام بهذه الاستراتيجية العسكرية التي عفا عليها الزمن؟ هل بالغت الإدارة الأمريكية في قدراتها معتبرة أنه يمكن التهديد بوقف المعونة العسكرية لخلق تأثير سياسي؟ وماهي آثار تلك الحادثة على مصر والشرق الأوسط؟


المشهد من ناحية نهر النيل

رغم معاهدة السلام الموقعة سنة 1979 بين مصر واسرائيل, فإن مصر لم تستوعب بعد أنها في سلام مع جيرانها في الشرق. ما يسود بين الطرفان هو "سلام بارد" حيث لم يرد نظام مبارك خلال فترة حكمه البالغة 30 عامًا أن يزد من تطبيع العلاقات الثنائية أو أن يغير من رأى العامة وتصوراتهم عن المواطنين الاسرائيليين تحديدًا واليهود بشكل عام.

ولذلك فإن ليس فقط "مصر الرسمية" بل والجمهور بشكل عام لايزال يرى في اسرائيل عدو محتمل يتحتم التكافؤ معه. وقد ألمح وزير الدفاع الأسبق محمد طنطاوي لذلك في مجلس الشعب في فبراير 1996:

السلام لا يعني الاسترخاء. فالتطوير المستمر للنظم العسكرية وسباق التسلح يثبتان أن البقاء للأقوى ... القوة العسكرية أصبحت شرطًا أساسيًا من شروط السلام.

وبالتبعية فقد أجرت القوات المسلحة المصرية مناورات واسعة تتضمن محاكاة هجومًا على دولة - دولة شرقية عادة. وفي المناورات الثلاثة الكبرى - والتي جرت في سبتمبر 1996 و أبريل 1998 وفبراير 2009 - قامت القوات المصرية بمحاكاة صد غزو اسرائيلي عن طريق عمليات الإنتقال من الدفاع للهجوم وعبور قناة السويس واستعادة السيطرة الكاملة على شبه جزيرة سيناء.

وكنتيجة لذلك فقد انتهجت مؤسسة الدفاع المصرية سياسة تكافؤ استراتيجي مع اسرائيل, تجلت في برنامج تحديث شامل طويل الأمد, بدأ منذ الثمانينات وأستمر لأكثر من عشرين عامًا. وفي نهايته كانت القوات المسلحة المصرية قد تحولت لمؤسسة عسكرية "غربية" حديثة وتخلصت من النفوذ السوفييتي الذي يعود تاريخه للخمسينات. وفي 2014 تمتلك مصر عاشر أكبر جيش في العالم بما يقارب 460000 جندي في الجيش النظامي.

وحقيقة أن الضباط المصريين (بما فيهم الرئيس عبد الفتاح السيسي) قد حضروا دورات تدريبية في مؤسسات أمريكية مثل كلية الحرب في كارلايل ببنسلفانيا وكلية القيادة والأركان العامة في فورت ليفنوورث بكنساس وجامعة الدفاع الوطني في واشنطن العاصمة تعد رمزًا بارزًا لخروج مصر من العباءة السوفيتية على عكس الماضي عندما تضمُّن مجال دراسة الضباط المصريين الماركسية وطبيعة عمل الحزب الشيوعي, هم الآن يدرسون الديمقراطية وعلو السلطات المدنية على العسكرية. ووفقًا للميجور جنرال المتقاعد روبرت سكيلز والذي خدم كقائد لكلية الحرب "هذا الجيل الجديد من الضباط المصريون قد تعرضوا للعسكرية الأمريكية وقد أعجبوا ليس فقط بالطريقة التي نحارب بها حروبنا ولكن أيضًا بالعلاقة بين الجيش والمجتمع". ومع ذلك فإن انقلاب 30 يونيو يثير شكوكًا جادة حول مدى عمق استيعاب هذه القيم الديمقراطية.

بالإضافة إلى أن القوات المسلحة المصرية تشارك في تدريبات مشتركة مع العديد من الجيوش الغربية والشرق أوسطية: في 2009 نفذ الجيش المصري مناورات مع القوات المسلحة الفرنسية والإيطالية والبريطانية والهولندية والألمانية, بينما نفذت التدريبات المصرية-التركية والأمريكية-المصرية في 2012. ذروة هذا التعاون العسكري هو مناورة النجم الساطع المشتركة بين مصر والولايات المتحدة والتي أجريت تقريبا مرة كل عامين منذ 1980. ولكن تم إلغاء مناورة 2011 نتيجة للأحداث التي أحاطت بخلع الرئيس حسني مبارك في ذلك العام, وأيضًا قام الرئيس أوباما بإلغاء مناورة 2013 بسبب انقلاب القوات المسلحة المصرية على مرسي. وفي كلا المرتين كانت هناك تداعيات لهذا الإلغاء على العلاقات المصرية الأمريكية.

الجنرال عبد الفتاح السيسي بجانب الرجل الذي أطاح به, القائد في جماعة الأخوان المسلمين, الرئيس المصري محمد مرسي. الانقلاب المدعوم شعبيًا يشكل معضلة من المعضلات الملتوية أمام السياسة الخارجية لواشنطن التي تحاول تقرير ماإذا كانت سوف تستمر في الدعم العسكري للقاهرة , وإذا فعلت ذلك , فأى نوع من الدعم ستقدمه.


المشهد من ناحية نهر بوتوماك

تعد مصر منذ عام 1979 - بالإضافة للسعودية - واحدة من حجري زاوية السياسة الأمريكية في العالم العربي. حيث عملت كوسيط في مباحثات السلام العربية الإسرائيلية والفلسطينية الاسرائيلية, كما عملت على نشر الوسطية ومكافحة التطرف في العالم العربي, كما أنها توفر الدعم العسكري للقوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة. إن أهمية مصر الجيواستراتيجية تكمن في حقيقة أنها الجسر بين الشرق والغرب, حيث تقع في تقاطع الشرق الأوسط مع شمال أفريقيا وآسيا, والأكثر أهمية من ذلك هو سيطرتها على قناة السويس. للتحرك سريعًا بين البحر الأبيض المتوسط والخليج الفارسي فإن الأسطول الأمريكي يعبر قناة السويس بإذن من السلطات المصرية. أى تأخير أو قيود سوف تحتم على حكومة الولايات المتحدة وضع قوات بحرية بالقرب من رأس الرجاء الصالح وحوله في جنوب أفريقيا من أجل الوصول للخليج الفارسي والمحيط الهندي. وكنتيجة لذلك فيجب على واشنطن الحفاظ على علاقات وثيقة بالقاهرة رغم تغيرات النظام منذ 2011.

ويتعلق الجزء الثاني للدعم العسكري المستمر لمصر بالمزايا التي تحققها صناعة السلاح الأمريكية. يوافق الكونجرس كل عام منذ 1986 على معونة عسكرية مقدارها 1.3 مليار دولار لمصر, وهى ثاني أكبر حزمة مساعدات بعد التي تحصل عليها اسرائيل. ولكن لا يحصل الجيش المصري على هذا المبلغ نقدًا: وإنما مثل الاسرائيليين فإن نصيب ضخم من هذا الكرم يدفع للمقاولين العسكريين الأمريكيين الذين يقومون بتجميع الدبابات والطائرات وإرسالهم لمصر. نقلت واشنطن 221 طائرة F16 بقيمة 8 مليار دولار لمصر كجزء من حزمة المعونة العسكرية رغم أن المستشارين العسكريين الأمريكيين يقولون منذ سنوات أن مصر لديها طائرات ودبابات كافية ولا تحتاج للمزيد

وبالمثل فأكثر من ألف دبابة من طراز ابرامز قد نقلت لمصر منذ 1992 بتكلفة 3.9 مليار دولار رغم أن مايقرب من 200 دبابة منهم لم تخرج من علبها ولم تستخدم أبدًا. مثل هذا الاتفاق يمكن أن يكون له فوائد داخل مصر أيضًا: فمصنع أبوزعبل لإصلاح الدبابات (المعروف بمصنع 200 الحربي) في حلوان هو موقع الإنتاج المشترك لدبابات ابرامز ويعمل فيه الآلاف من العمال المحليين. وكنتيجة لذلك فإن مقاولين الدفاع الأمريكيين يربحون الملايين من الدولارات سنويًا ويوظفون عشرات الآلاف من العمال كنتيجة مباشرة للمعونة العسكرية الأمريكية لمصر ودول أخرى في الشرق الأوسط. وبكلمات بروس بارون رئيس صناعات بارون بأكسفورد بميتشيجان, والتي تصنع أجزاء الدبابة ابرامز من طراز M1A1 التي ترسلها الولايات المتحدة لمصر: "المعونة التي نعطيها لمصر تعود مرة أخرى للولايات المتحدة وتحافظ على وظائف 30 عامل من عمالي." وبالتالي فإن أصحاب الأعمال الصغيرة مثل صناعات بارون يعملون في تناغم مع المؤسسات الصناعية الكبرى مثل جنرال دايناميكس لدعم لوبي يجمع السياسيين المحليين ورجال الأعمال والاتحادات العمالية لتوعية أعضاء الكونجرس بشأن التداعيات المحلية التي قد يحدثها تقليل الانتاج العسكري أو تجميد مشاريع الانتاج.

مقاولين الدفاع الأمريكيون يكسبون الملايين سنويًا ويوظفون عشرات الآلاف من العمال في كنتيجة مباشرة للمعونة الأمريكية لمصر ودول أخرى في الشرق الأوسط. هذه دبابات ابرام يتم تجميعها في مصنع جينيرال داينامكس في ليما بولاية أوهيو


المعونة الأمريكية : الاحتجاج والمصالحة

هذه هى خلفية الجدل حول وقف المعونة العسكرية لمصر والتي ظهرت لأول مرة خلال أحداث يناير وفبراير 2011 عندما قامت قوات أمن نظام مبارك بإستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين. وتم إلغاء فكرة وقف المعونة بعد  سقوط مبارك في ضوء التنسيق والتعاون بين القيادة العليا المصرية ومثيلتها في الولايات المتحدة. كما شعرت واشنطن أن مصر تتجه لإنتخابات ديمقراطية حرة مايعني أن استمرار المعونة سوف يدعم الديمقراطية ويقوي الاستقرار في هذا البلد.

طرح التساؤل حول استمرار المساعدة العسكرية مرة أخرى بعد سقوط الرئيس مرسي في يوليو 2013, والذي كان بجميع مقاصده وأغراضه انقلاب عسكري, وإن كان بدعم شعبي مهول. النفور الأمريكي من مثل هذه التغييرات غير الديمقراطية للحكومات يترجمه قانون يمنع اعطاء المساعدة الاقتصادية - بقليل من الاستثناءات - لحكومة أى دولة تقوم بإزاحة رأس السلطة المنتخب انتخابًا سليما بإنقلاب عسكري أو فرمان. مع ذلك فقد امتنعت ادارة أوباما في البداية عن وصف ازاحة مرسي بهذه المصطلحات. ولم يكن التدخل العسكري في السياسة المصرية هو الشئ الوحيد الذي أغضب واشنطن, بل هناك أيضًا حقيقة شن القوات المسلحة حملة قمع عنيفة ضد الأخوان المسلمين.

في يوليو الماضي تم تأجيل التسليم المفترض لأربع طائرات F16. وفي 15 أغسطس ألغى أوباما المناورة المصرية الأمريكية المشتركة والتي كان يفترض تنفيذها في سبتمبر, بالإضافة لقيام مسئولين بارزين في الإدارة الأمريكية بإدانة الفض العنيف لتجمعات مؤيدين الأخوان المسلمين في اليوم السابق.

رد فعل المسئولين العسكريين البارزين وأعضاء الحكومة المؤقتة على الادارة الأمريكية لم يتأخر كثيرًا. فعلى خلفية الإنتقادات أجرى الزعيم المصري الجديد السيسي مقابلة مع الواشنطون بوست هاجم فيها ادارة أوباما. حيث قال: "أنتم تخليتم عن المصريين, أدرتم لهم ظهوركم وهو مالن ينسوه لكم." وأضاف ان تجميد تسليم الطائرات المقاتلة "ليس طريقة للتعامل مع جيش وطني" وأشتكى من ضعف الدعم الأمريكي لـ"الأحرار الذين ثاروا ضد حكم سياسي ظالم". وسرعان ما ترددت انتقاداته في كلمات حازم الببلاوي رئيس الوزراء الذي أضاف أن مصر قد حصلت على معونات عسكرية من روسيا لفترات طويلة في الماضي وبذلك فليس هناك سبب للقلق.

ومقابل هذه التصريحات القوية - وان كانت مقيدة - لمسئولين القاهرة, ظهر الغضب على المستوى الشعبي بشكل أكثر قوة ووضوح. حيث دعا حسام الهندي (أحد قادة حركة تمرد) الجموع للنزول للشوارع في يوليو بعد الانقلاب مباشرة للدفاع عن الثورة ضد الأخوان المسلمين, والذين أتهمهم بالتعاون مع الولايات المتحدة لإسقاط شرعية الثورة. وأدعى أن للجماعة تاريخ طويل من العلاقات الوثيقة مع ادارة أوباما والذي ظهر في الدور الكبير الذي لعبته في الضغط على حماس للوصول لهدنة خلال العدوان الأسرائيلي الأخير (عملية عمود الدفاع).

وعندما هددت الولايات المتحدة بقطع المعونة عن مصر أطلقت حركة تمرد حملة احتجاجية تحت عنوان "أمنعوا المعونة", تبعتها بوقت قصير بحملة "لإستعادة السيادة". احتجاجًا على ما أسماه قادتها محاولة الولايات المتحدة التدخل في الشئون الداخلية المصرية, ونشرت عريضة على موقعها الإلكتروني للدعوة لوقف المعونة الأمريكية وإلغاء معاهدة السلام مع اسرائيل: بعد التدخل الأمريكي غير المقبول في الشئون المصرية والكيفية التي دعمت بها الولايات المتحدة المجموعات الإرهابية في مصر, أوقع هذه العريضة كمواطن مصري للمطالبة بإجراء استفتاء حول موضوعين. الأول هو رفض المعونة الأمريكية بكل أشكالها. والثاني إلغاء معاهدة السلام بين مصر والكيان الاسرائيلي واعادة صياغة المعاهدات الأمنية لضمان حق الدولة المصرية في تأمين حدودها.

ولم يدخر محمود بدر (أحد مؤسسي تمرد) كلماته في مهاجمة أوباما لإدانته لثورة 30 يونيو. حيث طالب واشنطن بعدم التدخل في الشئون الداخلية المصرية خصوصًا في صراع الجيش والمتظاهرين ضد ارهاب الأخوان المسلمين, معلنًا في تعبيرات واضحة أن مصر لم تعد في حاجة لمعونة الولايات المتحدة الأمريكية: "أقول لك أيها الرئيس أوباما , لماذا لا تذهب أنت ومعونتك الصغيرة عديمة المعنى للجحيم؟" بالنسبة لبدر وأعضاء حركته الإحتجاجية فإن الكفاح المسلح واراقة الدماء كانوا ثمنًا ضروريًا لإنقاذ الأمة من جماعة الأخوان

بعد شهرين تقريبًا, في التاسع من أكتوبر, صعدّت واشنطن من ضغطها على الحكومة المصرية المؤقتة حيث أعلنت قرارًا بـ"الحفاظ على علاقتنا بمصر مع إعادة تقييم مساعدتنا للمضى قدمًا بمصالحنا بشكل أفضل". شدُّد البيان على استمرار حصول القاهرة على مساعدات الرعاية الصحية والتعليم والقطاع الخاص, كما ستساعد الولايات المتحدة مصر في حماية حدودها ومحاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن في شبه جزيرة سيناء مع توفير التدريب للقوات المصرية وقطع الغيار للمعدات العسكرية الأمريكية في مصر. ولكن أضافت وزارة الخارجية أن الإدارة الأمريكية قد قررت تجميد نقل أنظمة الأسلحة الرئيسية والتمويل للنظام العسكري حتى تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية منتخبة في انتخابات حرة وعادلة.

وفي رد فعل الحكومة المصرية أصدر بدر عبدالعاطي المتحدث بإسم الخارجية بيان رسمي أشار فيه إلى أن تلك الخطوة تثير تساؤلات عن مدى رغبة الإدارة الأمريكية في تقديم الدعم الاستراتيجي الدائم لأمن مصر. ترغب القاهرة في الحفاظ على علاقات دافئة مع واشنطن, ولكن مع الحفاظ على استقلالها الكامل فيما يخص شئونها الداخلية ولن تتأثر بأطراف خارجية.

في الأسبوع التالي أصدر وزير الخارجية نبيل فهمي تصريحات مشابهة مستنكرًا وصول التوتر بين القاهرة وواشنطن لوضع حرج. مع ذلك فإن تجميد المعونة شئ يمكن للشعب المصري التعامل معه: "الشعب المصري لن يتردد في تحمل عواقب مثل هذا الموقف للحفاظ على حرية اختياراتهم بعد ثورتين. يجب على القاهرة فتح أبوابها لقوى أخرى مؤثرة على الساحة الدولية. مثل هذه الخطوة سوف تعطيها قنوات أخرى متعددة للتحرك وتمهد الطريق لعلاقات أقوى بروسيا والصين. وأضاف فهمي أن هناك جانب إيجابي في القرار الأمريكي: "أنه سوف يساعد كلًا من مصر والولايات المتحدة على إعادة تقييم وتقدير علاقتهم في المستقبل".  

فشلت ادارة أوباما في توقع كيف ستؤثر تصريحاتها وتصرفاتها في كلًا من عامة المصريين وقادتهم. لم تفشل فقط في تقدير عمق النفور العام من المحاولات الاستبدادية للأخوان لتحويل مصر لثيوقراطية اسلامية , ولكن الأهم من ذلك إنها لم تستوعب كيف ستُرى ردودها كإهانة وهجوم على الكبرياء الوطني. ينظر المصريون لحكومة الولايات المتحدة على أنها تتصرف كأنها أشترت البلد بالمعونة وتحاول استخدامها للتدخل في شئونها الداخلية. 
تعامل الرسميون المصريون مع الموقف بهدوء ومسئولية. فالتصريحات التي أصدرتها القيادة عكست الرغبة في الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ولكن أيضًا نجحت في الدفاع عن الشرف الوطني. وفي نفس الوقت مهد السيسي ورفاقه الطريق لدخول لاعبين آخرين - روسيا والصين - والذين يستطيعون توفير أسلحة ومعدات للجيش المصري. 

محمود بدر , أحد مؤسسي تمرد لم يبخل بكلماته عندما هاجم أوباما لإدانته لثورة 30 يونيو, معلنًا بعبارات واضحة أن مصر لم تعد تحتاج للمعونة الأمريكية : "أقول لك أيها الرئيس أوباما لماذا لا تذهب أنت ومعونتك الصغيرة عديمة المعنى للجحيم؟"


تداعيات وقف المعونة الأمريكية

يبدو أن هناك ثلاثة عواقب رئيسية تترتب على تقليل حجم المساعدة العسكرية الأمريكية لمصر ولكن لا تقتصر كلها على مصلحة مصر. ولدورها في اسقاط مبارك فإن واشنطن أرسلت رسالة لأعدائها وحلفاءها في الشرق الأوسط أن كلماتها و"صداقتها" بلا معنى محدد. إذا كان حليف مخلص مثل مبارك - الذي حافظ على علاقات وثيقة بالولايات المتحدة وخدم مصالحها جيدًا لثلاثين عامًا - يمكن ان يجد نفسه مرمي تحت الأتوبيس عندما تكون هناك مشاكل, إذًا فليس هناك أحد آمن.

قوى انتقاد ادارة الولايات المتحدة لإسقاط الأخوان الشكوك حول مصداقيتها بعد ذلك. اسقاط الجماعة - وهى قوة دينية وسياسية تعرف بوضوح معارضتها للقيم الغربية - كان يجب أن يخدم المصالح الأمريكية, لكن على الرغم من ذلك فقد أدانته واشنطن وأدانت الجيش المصري, والذي تعتبره الغالبية أكثر علمانية ووسطية, وبالتالي أكثر اتساقاً مع واشنطن وقيمها. لم تساهم فقط التصريحات بشأن الحاجة لتجميد المعونة العسكرية في هز استقرار الشارع المصري و ولكن أيضًا بدت وكأنها تشجع الجماعات الإسلامية وتظهر عدم دعم ارادة ملايين المتظاهرين من المعسكر المعادي لمرسي. رفض واشنطن لمساعدة قاهرة مابعد مرسي ظهرت كدليل على عدم ولاء الولايات المتحدة لحلفاءها ولبعض الناس دليل على ضرورة محاربتها والخيانة التي تمثلها.

والعاقبة الثانية تتعلق بالعلاقات المصرية الإسرائيلية, وككل نقاش يتعلق بالمعونة الأمريكية لمصر يظهر فيه نقاش لمعاهدة السلام المصرية الاسرائيلية. وبرغم أن الولايات المتحدة ليست طرف قانوني في اتفاق السلام بين مصر واسرائيل وبرغم أن ذلك الاتفاق لا يتضمن أى  شروط تجبر واشنطن على امداد أيًا من مصر أو اسرائيل بمعونة عسكرية أو اقتصادية, إلا أن الولايات المتحدة قد ألحقت مذكرتين مرفقتين تحدد إلتزاماتها لكلا الطرفين. كوسيط بين الطرفين وكطرف يسعى لضمان توازن القوى في المنطقة والاستقرار والتعاون المصري الاسرائيلي, وقد أعطت واشنطن بشكل تقليدي وبموافقة الكونجرس المساعدات لكلًا من مصر واسرائيل. وكنتيجة لذلك فالإدعاء المصري بأن السلام مع اسرائيل يرتبط بالمعونة الأمريكية الاقتصادية والعسكرية مبرر إلى حد معقول.

حقًا , هناك مخاوف في اسرائيل من أن قطع أو تجميد المعونة العسكرية لمصر قد يؤثر سلبًا في التعاون الأمني بين القدس والقاهرة, بل والأسوأ على اتفاقية السلام نفسها. حيث تعتقد اسرائيل أن أموال المعونة الأمريكية لمصر هى السبب الوحيد لإلتزام مصر بالمعاهدة وان بدونها فلن يشعر النظام المصري بالحاجة للحفاظ عليها

بعد اسقاط محمد مرسي تقاربت العلاقات بين موسكة والقاهرة. في 13 نوفمبر 2013 ولأول مرة منذ غيرت مصر توجهها من الشرق للغرب في منتصف السبعينات قام سيرجي لافروف (الثاني من اليسار) وزير الخارجية وسيرجي شويجي (على اليمين) وزير الدفاع بزيارة مصر وقابلهم وزيرا الدفاع عبدالفتاح السيسي والخارجية نبيل فهمي 


النتيجة الثالثة والأخيرة للتهديد أو التقليل الفعلي للمعونة الأمريكية هو تنامي أدوار الدول الأخرى , تحديدًا روسيا في العلاقات في الشرق الأوسط. يُنظر للولايات المتحدة تحت ادارة أوباما على انها قوة ضعيفة تنسحب ببطأ من المنطقة. ولإن علوم الطبيعة - والسياسة أيضًا - تكره الفراغ فتردد الولايات المتحدة يشجع القوى المنافسة على لعب دور أكبر في مصر وهو مالا يبشر بالخير على المدى البعيد. ويشهد التاريخ الأمريكي على ذلك. 

حاولت ادارة آيزنهاور في الخمسينات استغلال المساعدة العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية لإقناع جمال عبد الناصر بالإنضمام لتحالف لحماية المنطقة من الشيوعية. ولما فشلت مغازلة القاهرة رفضت واشنطن امداد مصر بالأسلحة المطلوبة وسحبت بعد ذلك عرضها بتمويل انشاء السد العالي. وفشلت هذه الاستراتيجية حيث وفرت موسكو السلاح للقاهرة سريعًا عبر تشيكوسلوفاكيا. في البداية لم يكن عبدالناصر يرغب في ربط نفسه بإحدى القوى العظمى, بل فضل المراوغة البارعة بين واشنطن وموسكو. وفي عملية طويلة صبورة تطورت عبر السنوات اللاحقة تحولت العلاقات السوفيتية لعلاقة اتكالية - وهى العلاقة التي ازدادت بشكل واضح بعد هزيمة المصريين في حرب 1967. عاملين هامين كانوا مسئولين عن ذلك. أولًا لم يضع الروس شروطًا لمساعداتهم للدول العربية. ثانيًا "غياب أى تصريح بأن الشرق الأوسط حيوي للمصالح الأمريكية" والذي أعتبرته روسيا كضوء أخضر للتدخل بشكل كامل.

وبرغم نهاية الحرب الباردة في نهاية الثمانينات, فإن روسيا الصاعدة تحت حكم فلاديمير بوتين لاتزال ترى الشرق الأوسط كمساحة هامة لمصالحها العسكرية والسياسية ولن يسعدها أكثر من تقليص الهيمنة الأمريكية في المنطقة. ومنذ انفجار الاضطرابات الأخيرة في الشرق الأوسط سعت موسكو لزيادة نفوذها في المنطقة عن طريق حماية نظام بشار الأسد في سوريا وحشر نفسها تكرارًا في المواجهة بين الغرب وإيران حول قدرات الأخيرة النووية. وبعد اسقاط مرسي نمت العلاقات بين القاهرة وموسكو. حيث زار وزير الخارجية المصري موسكو في سبتمبر 2013 وفي أكتوبر زار رئيس المخابرات العسكرية الروسية القاهرة. وبعدها بشهر زار وفد مصري موسكو للإعراب عن امتنان المصريين للدعم الروسي لثورة 30 يونيو التي خلعت مرسي والأخوان. ولأول مرة منذ غيرت مصر وجهتها من الشرق للغرب في منتصف السبعينات زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ووزير الدفاع سيرجي شويجو مصر في 13 نوفمبر 2013 سويًا. وبعدها بشهرين في منتصف فبراير 2014 زار وزير الدفاع السيسي ووزير الخارجية فهمي موسكو حيث كان محور الزيارة اللقاء بين الرئيس بوتين والسيسي.

ركز الحوار بين الجيش المصري والقيادة السياسية ونظرائهم الروس على تقوية العلاقات بين البلدين والتعاون في مجالات متنوعة من ضمنها الطاقة النووية. وكان على قمة هذه التفاهمات التعاون في المسائل العسكرية وصياغة صفقة أسلحة شاملة, تساوي طبقًا للعديد من التقارير مابين 2 إلى 3 مليار دولار. ووفقًا لهذا العقد, الذي تموله السعودية والإمارات, فسوف تمد روسيا الجيش المصري بطائرات MiG-29,وهليكوبتر هجومية من طراز MI-35, وبطاريات صواريخ للدفاع الجوي وبطاريات مضادة للمراكب وأسلحة خفيفة وذخيرة.

ومقابل هذه الأسلحة وافقت مصر على امداد الأسطول الروسي بخدمات المرفأ في الاسكندرية وتقوية التعاون بين الأسطولين في المتوسط. ووافقت سوريا بالفعل على استخدام سفن الأسطول الروسي لميناء طرطوس ولكن في حالة سقوط نظام الأسد وفقدان هذه المرافق تفكر موسكو في "الخطة ب". ويعد تقوية العلاقات بمصر خطوة هامة لروسيا في سعيها للحفاظ على دور استراتيجي هام - وحضور مستمر في المتوسط, وهو الهدف الذي يصبح أكثر أهمية مع ضم كريميا في البحر الأسود.

نستنتج:

الكساد الاقتصادي والارهاب المتنامي وانتشار العنف والمعارضة الداخلية للحكومة الإنتقالية على قمة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه مصر. وعلى عكس ماقبل اتفاقية 1979 عندما كانت اسرائيل هى التهديد الأكبر لمصر, على القاهرة الآن أن تواجه الخطر المتمثل في المنظمات المرتبطة بالجهاد العالمي - خصوصُا أولئك الناشطون في سيناء - برؤية استراتيجية جديدة تشتمل على الوسائل اللازمة لمكافحته. من الواضح أن عصر الحرب التقليدية ذات المناورات الضخمة بالدبابات المدعومة جوًا قد ولُّى وليس هناك فائدة في تشوين كميات ضخمة من الأسلحة الثقيلة. التهديدات التي تسببها المنظمات الإرهابية الناشطة في سيناء تحتاج إلى خطة جديدة ترتكز على اجراءات رشيقة لمكافحة الإرهاب

في نفس الوقت ننصح واشنطن بالنظر لأبعد من تفاصيل المعونة العسكرية في ضوء مصالحها بعيدة المدى. المعونة العسكرية لها أهمية أبعد من الحفاظ على قدرة الجيش المصري: انها تعبر عن عمق دعم الولايات المتحدة لحليف كما أنها في الواقع تمثل اعلان للولاء للعلاقات الوثيقة بين البلدين. أى قطع أو تقليص للمعونة لمصر سوف تفهمه أى أجنحة علمانية ووسطية داخل النظام الحاكم - وسوف تفهمه المعارضة الإسلامية - كتصويت أمريكي على عدم الثقة في حلفاءها, في مصر خصوصُا ولكن أيضًا في كل الشرق الأوسط. مثل هذه التدابير التي تتخذها واشنطن تفتح الباب للاعبين من الخارج, وهم ليسوا بالضرورة وسطيين أو حداثيين, لإختراق مصر وباقي المنطقة وبالتالي تتأثر سلبًا مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.

على المدى القصير وفي أعقاب انخفاض المساعدة لن تقطع مصر علاقاتها بالحكومة الأمريكية بحسم لإن ذلك سوف يؤدي بالضبط لعكس ما يسعى له السيسي وأعضاء جبهة انقاذ مصر. مصر سوف تكون أقل استقرارًا إذا فقدت المورد الأول لمعدات وذخائر وقطع غيار جيشها وسوف يستمر اقتصادها في المنحنى الهابط الذي دخل فيه منذ فبراير 2011. على الجانب الآخر فإن فتح بوابات مصر للروس والسعوديين وآخرين سوف يعطي تلك الدول قوة ونفوذ يمكن على المدى البعيد أن يبعد مصر عن كفيلها الأمريكي. ولهذا السبب فإنه إذا أرادت واشنطن أن تستمر في التأثير على اعتبارات القاهرة السياسية فيجب عليها أن تفتح مستودعاتها العسكرية لها بدلًا من أن تغلق الأبواب في وجهها.

============================================

يهودا بلانجا : محاضر في قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان وأستاذ زائر في مركز موشي ديان بتل أبيب 

كتب المقال على منتدى الشرق الأوسط للدفاع عن المصالح الأمريكية, لقراءة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية أضغط هنا

Tuesday, November 11, 2014

D1: كيف يمكن للولايات المتحدة تحويل مجلس التعاون الخليجي لتحالف عسكري دائم؟

كتبت : ميليسا دالتون 6 نوفمبر 2014
ترجم : أحمد بدوي 11 نوفمبر 2014

وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل يلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية لمجلس التعاون الخليجي

14 مايو 2014


في الوقت الذي تتوسع فيه المناقشات العامة حول التدخل العسكري الأمريكي في العراق وسوريا, فقد نجحت الولايات المتحدة في ضم العديد من دول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في القتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية المعروف بداعش. ولكن هل يمكن للمشاركة الفعالة لدول مجلس التعاون الخليجي في الحرب أن تكون بداية لشئ ما أكثر دوامًا وأكثر قابلية للإعتماد عليه؟

ربما يكون من المبكر البدء بتقييم التأثير العسكري الذي ستحدثه مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي في عملية (الحل الأصيل) إلا أن تلك المشاركة تثير عدة تساؤلات حول تأثير ذلك على مستقبل أمن المنطقة. لعقود استثمرت الولايات المتحدة في بناء القدرات العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي وشجعتها على تقوية أنشطتها وبنيتها التحتية للتعاون الأمني الجماعي. وعادة ماكانت تخفت الجهود المبذولة لدعم المزيد من التماسك والتعاون بين دول المجلس. فالتنافس الإقليمي بين دول المجلس والريبة تجاه نفوذ السعودية ومؤخرًا الدعم القطري للإسلاميين المتشددين والمذموم من باقي دول المجلس كلها عوامل قوضت من فرصة الاستفادة الحقيقية منه كآلية لتحقيق الأمن.


تفضل دول مجلس التعاون الخليجي أن تتعامل بشكل منفرد مع الولايات المتحدة الأمريكية , لكن عندما توجد المصالح المشتركة وترتفع درجات المخاطر تظهر الرغبة لديهم للعمل سويًا. لقد دعمت دول مجلس التعاون الخليجي تحالف حرب الخليج لطرد صدام حسين من الكويت في 1991. ووفرت كلًا من الإمارات العربية المتحدة وقطر غطاءً سياسيًا للتدخل في ليبيا في 2011 مع اسهامها في العمليات الجوية وعمليات القوات الخاصة. تهديد الهيمنة الإيرانية الشيعية -  وربما النووية أيضًا - قد حشد دول المجلس ذات القيادة السنية لتقوية دفاعاتهم من الصواريخ الباليستية ورفع قدرات قواتهم البحرية والجوية ودعم المبادرات متعددة الأطراف خلال العقد الماضي. واليوم فإن القلق العميق بشأن تزعم داعش للتطرف السني ومكاسبها السريعة على الأرض قد حث دول المجلس للمشاركة بفعالية في عملية (الحل الأصيل).


كافحت الولايات المتحدة في الفترات مابين الأزمات لتحافظ على التعاون بين دول الخليج ولتنسج معهم آليات وقدرات سوف تحسن من قدرة دول المجلس على الدفاع عن نفسها خلال الأزمة القادمة , مع الحفاظ في الوقت ذاته على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة. بعد الانتفاضات العربية في 2011 واجهت الولايات المتحدة أيضًا وبشكل متزايد معضلة استمرار الاعتماد على الدول الأكثر ديكتاتورية في المنطقة لتحقيق أهدافها الأمنية بغض النظر عن أى أهداف تتعلق بحقوق الانسان في المنطقة. مشاركة دول الخليج في عملية البنتاجون (الحل الأصيل) لا يزيد فقط من أهمية هذه الأسئلة ولكن أيضًا يضيف أبعادًا جديدة للمخاطر والفرص فيها.

مشاركة أعضاء مجلس التعاون الخليجي في المهمة ضد داعش يفتح الباب أمام المخططين العسكريين الأمريكيين لدراسة كيف يمكن للدول الأعضاء فيه المساهمة في حل عدد من الأزمات المستقبلية. أولا, ما الذي يمكن لقادة العسكرية الأمريكية تعلمه عن قدرات دول مجلس التعاون ويمكن أن يفيد في المهام المستقبلية؟ يمكن أن تكون القدرات الاضافية الأشد دقة والأكثر تعقيدًا للهجوم والقيادة – خاصة لدى السعودية والامارات – مفيدة. كما يمكن لتعزيز المناورات الجوية والتدريبات أن يرفع من قدراتهم. وجود مجلس تعاون خليجي أكثر تماسكًا وجاهزية للقتال يمكنه أن يساعد في منع ايران من التراجع عن إلتزاماتها في أى إتفاقية نووية. ولتحقيق هذه الغاية يجب على الولايات المتحدة أن تشجع الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي على اعطاء الأولوية لإستثماراتهم في مناورات رفع قدرات قوات العمليات الخاصة والبحرية جنبًا إلى جنب مع رفع قدرات قوات الهجوم والدفاع الجوي.

ثانيًا , فإن المشاركة الفعالة للدول أعضاء مجلس التعاون الخليجي في العملية ضد داعش تتحدى افتراضات وضعت من عشرات السنوات عن قدراتهم العسكرية ورغبتهم السياسية في استخدامها. لسنوات أُنتقدت دول المجلس بسبب جمع ألعاب براقة بدون الاستثمار الضروري في التدريب والصيانة لتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها وتمتلك قدرات عسكرية حقيقية. بالطبع العقبات ستظل موجودة ومستوى الاستعداد في دول المجلس المختلفة مريب ومتغير, لكن قدرة طائرات الخليج المقاتلة على الانتشار بجانب مقاتلات الولايات المتحدة عندما استدعيت هى حقيقة جديرة بالملاحظة. اذا كان لدى أعضاء مجلس التعاون مصالح قوية في حل أزمة ما فإنهم يبدون الآن قادرين ولديهم الإرادة السياسية للمخاطرة.

مخاطر عديدة تعقد من الجهود الحالية للولايات المتحدة للإستفادة من مستوى القدرات العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي.
أولا : فيما يخص العملية التي تجرى الآن فإن إلتزام دول مجلس التعاون الخليجي بالتحالف قد يتبخر مع الوقت إذا ما اختلفت أهدافهم السياسية مع أهداف التحالف. القضاء على داعش ماديًا ومعنويًا سوف يستغرق سنوات. وبينما ترغب دول المجلس في السير في مسار موازي في سوريا ضد داعش وبشار الأسد فإن الولايات المتحدة تعطي الأولوية للجهود العسكرية ضد داعش في العراق في المدى القريب. غياب استراتيجية للتحالف لإجبار الأسد على التنازل عن السلطة قد يدفع دول المجلس لسحب دعمها عن مهمة استهداف داعش مع الوقت أو لتنشيط دعمها للمجموعات المسلحة المختلفة والمتقاتلة المعارضة للأسد, مما يطيل من أمد الحرب الأهلية السورية.

ثانيًا : في النهاية فسوف تتصرف دول المجلس منفردة وفقًا لمصالحها في المنطقة. هذه ليست ملحوظة صادمة ولكنها مهمة لإن هذه الدول ربما تفرض سياسات أو تشارك في عمليات عسكرية بدون تنسيق أو بعيدة عن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. على سبيل المثال فإن الإمارات ومصر قد نفذوا في أغسطس طلعات جوية ضد المسلحين في ليبيا وهو ماأخذ الولايات المتحدة على حين جرةوتحت غطاء مجلس التعاون الخليجي نشرت المملكة السعودية قوات درع الخليج للمساعدة في اخماد الانتفاضة الشيعية في البحرين 2011, رغم ان الولايات المتحدة كانت تفضل أن تقلل من التوتر بين النظام والمحتجين عبر الحوار. والآن فإن التقارير تشير إلى قيام دول مجلس التعاون بتشكيل تحالف عسكري مع مصر لمواجهة المسلحين الاسلاميين في المنطقة.الإنتفاضات العربية التي بدأت في 2011 أنزلقت لمرحلة مظلمة وعنيفة , فماذا لو واجهت احدى الدول الشريكة في مجلس التعاون الخليجي تمرد داخلي أثناء الحملة على داعش وقامت تلك الدولة بقمع المعارضين بقوة , فكيف ستتصرف الولايات المتحدة؟

ثالثا , قد يؤدي التحرك العسكري النشيط لدول المجلس لإثارة قلق اسرائيل, حتى لو كانت تحركاتها لا تمس نطاق الأراضي أو المصالح الإسرائيلية. ويمكن أن يعقد هذا من جهود الولايات المتحدة لتسليح دول المجلس. تلتزم الولايات المتحدة بأمن اسرائيل , ويجب عند النظر في بيع او تصدير الخدمات والبنود الدفاعية لإحدى دول الشرق الأوسط فإنه يجب على الإدارة - بقوة القانون - أن تتأكد أن تلك البنود لن تؤثر سلبًا على التفوق الاسرائيلي النوعي أمام المخاطر العسكرية التي تواجهها.



تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية يمكن حشد دول مجلس التعاون الخليجي على قضية مشتركة. وقد أثبتت دول المجلس قدراتها العسكرية المتزايدة وارادتها السياسية للمشاركة في الحرب. التعاون الوثيق والتخطيط الاستراتيجي والتدريب والمناورات والعمليات المشتركة يمكن أن تساعد على ضمان وحدة الهدف في المنطقة من الآن فصاعدًا. مع ذلك فمع انقشاع الغبار في النهاية فإنه يجب على ادارة أوباما والكونجرس اعادة تقييم دعمهم لأمن شركاءهم الخليجيين بالنسبة لباقي أهداف واشنطون في المنطقة , مع الأخذ في الإعتبار أن لدول المجلس أجنداتهم الخاصة التي ربما تتقاطع أو لا تتقاطع مع أهداف الولايات المتحدة . لن يكون الأمر سهلًا.

=========================================

لمطالعة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية : أضغط هنا
ترجمه للغة العربية أحمد بدوي 11 نوفمبر 2014

Monday, November 10, 2014

WP : لماذا تنجح الديمقراطية التونسية بينما يفشل النموذح التركي؟

كتب : يوكسال سيزجن 8 نوفمبر 2014
ترجم : أحمد بدوي 10 نوفمبر 2014


في كتابه المؤثر الصادر عام 1991 أسس صامويل هنتنجتون لإختبار "تسليمان اثنان" للتفرقة بين الديمقراطيات الناشئة والديمقراطيات المستقرة. وفقًا للاختبار فإن الانتخابات الحرة العادلة يجب أن تُؤدي مرتان لتمرير السلطة سلميًا من حاكم متولي للمسئولية وقت الإنتخابات لمنافس ناجح يفوز عليه. وهو اختبار صعب للغاية كما يلاحظ هنتنجتون نفسه. ووفقًا لهذا الإختبار فإن الديمقراطية الامريكية لم تصبح مستقرة حتى خسارة حزب الديمقراطيين الجاكسونيين الرئاسة لصالح حزب الويج اليميني في 1840.

وعلى ذلك فإن فوز حزب نداء تونس العلماني على اسلاميين النهضة المعتدلين في انتخابات الأسبوع الماضي قرّب الديمقراطية الوليدة في تونس خطوة كبيرة من النجاح في اختبار هنتنجتون. هذه الإنتخابات قد دعمت من موقف القوى المحاصرة والمنادية بالديمقراطية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. نجاح التجربة الديمقراطية التونسية رغم التطرف المتصاعد والأداء الإقتصادي الضعيف أنهى الإدعاء التركي الزائف بكونها نموذج للديمقراطية في البلاد الإسلامية. في الحقيقة فإن تركيا لم تكن أبدًا نموذج قابل للتطبيق للديمقراطية المسلمة حيث أنها لم تكن أبدأ دولة ديمقراطية ليبرالية أو حرة بالأساس. بإستثناء الفترة القصيرة من 1974-1979, فقد صنف بيت الحرية نظام الحكم في تركيا دائمًا على أنه نظام حر جزئيًا.
إن كان هناك أى نموذج لديمقراطية مسلمة بعد الربيع العربي فهي تونس وليست تركيا. وفي الحقيقة فإن لدى تركيا الكثير لتتعلمه من سياسات تونس المبنية على تفاهمات الحلول الوسط والتسامح. القمع الذي تبع مظاهرات جيزي في 2013 يعكس الاستبدادية البوليسية المتزايدة التي تشكل شخصية النظام التركي. وكما تلاحظ التقارير الحديثة لبيت الحرية والعفو الدولية ومرصد حقوق الانسان فإن الديمقراطية التركية في تراجع مستمر. بالتدخل في شئون القضاء والاعتماد على اجراءات معادية للديمقراطية - تصل أحيانًا للوحشية - فإن الحزب الحاكم ينتهك مبدأ الفصل بين السلطات وينتهك الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين الأتراك.
وبينما أنزلقت تركيا في ذلك الطريق الاستبدادي خلال العامين الماضيين, فقد حققت تونس التحول الديمقراطي الأكثر ابهارًا في تاريخ المنطقة. نظمت تونس أول انتخابات حرة في أكتوبر 2011 بعد سقوط نظام بن علي. وحصلت النهضة على أكثرية المقاعد بنسبة 41% ثم توصلت لإتفاقية لتشارك السلطة مع حزبين علمانيين في الجمعية التأسيسية. أحد الأشياء التي فعلها التوانسة بشكل صحيح هو رفض النزعة الرئاسية لصالح الديمقراطية البرلمانية. فهم التوانسة مخاطر السقوط في فخ السلطوية الرئاسية في بلد يعاني من هشاشة تقاليده الديمقراطية والغياب التاريخي لمبدأ الضوابط والتوازنات. أختار التوانسة أيضًا التمثيل النسبي بعتبة قومية لدخول البرلمان تساوي صفرًا في المائة, ما أعطى أفضل فرصة ممكنة لتمثيل الأصوات المختلفة في البرلمان . بينما سارت تركيا في الطريق المعاكس. حاولت حكومة حزب العدالة والتنمية وفشلت في إستخدام أغلبيتها لتحويل نظام الدولة البرلماني لرئاسي وتحويل النظام الانتخابي من نظام تمثيل نسبي لنظام الأكثرية وهو ما كان يعني اعطاء حزب العدالة والتنمية أغلبية مطلقة في الوقت الذي يقوض فيه من حق الأحزاب الأصغرفي التواجد في البرلمان.

لدى تركيا واحدة من أعلى العتبات الانتخابية وأقلهم ديمقراطية في العالم (10%) ولكن ضعف تمثيل النظام الانتخابي للجمهور لم يكن أبدًا محور قلق لنخبة العدالة والتنمية الحاكمة للبلاد. ورغم الوعود السابقة للرئيس رجب طيب اردوغان فإن الحزب لم يفكر جديًا في تقليل العتبة الانتخابية, وبالعكس فإنه استغل القوانين الحالية لزيادة نصيبه في مقاعد البرلمان. 

الاختلاف الأكثر وضوحًا بين تونس وتركيا بدا في طريقة كتابة الدستور , والتي تولاها مشرعون البلدين في السنوات الأخيرة. أعتمد التوانسة دستورًا ديمقراطيًا في يناير 2014 بدعم مدهش من 94% من الجمعية الوطنية. بينما في تركيا على العكس من ذلك فشل البرلمان في الوصول لتوافق لإصدار أول دستور مدني للبلاد - فشل كان سببه في الغالب اصرار حزب العدالة والتنمية الحاكم على انشاء نظام حكم رئاسي. ونتيجة لذلك لاتزال البلاد ترزح تحت الدستور العسكري المفروض منذ 1982 , والذي يفضله الدستور التونسي في 2014 تقريبًا في جميع الأوجه.
  
يعاني كلا المجتمعين التونسي والتركي من استقطاب شديد يتمحور حول الدين والعلمانية. وفقًا لإستطلاع القيم العالمي WVS فإن 84% من الأتراك و65% من التوانسة يصفون أنفسهم بالتدين, بينما يصف 14% من الترك و27% من التوانسة أنفسهم باللادينيين. وتنخفض معدلات الثقة المتبادلة بين أفراد كلا المجتمعين: 12% فقط من الأتراك و16% فقط من التونسيين يعتبرون الآخرين جديرين بالثقة (نفس المعيار في هولندا والولايات المتحدة يسجل 66% و35% على التوالي) , الانقسام العلماني الديني قد خلق في كلًا المجتمعين جوًا من انعدام الثقة القادرة على منع التعاون بين الأحزاب. وقد سبب هذا المناخ خسائره في تركيا عندما رفض السياسيون المتدينون والعلمانيون التنازل والقبول بحلول وسط لكتابة عقد اجتماعي جديد. وعلى الجانب الآخر فيبدو أن السياسيون التوانسة قد نجوا من هذه الأزمة في الثقة وفي طريقهم الآن لبناء ديمقراطية مستقرة.
  
لماذا فشل الأتراك ونجح التوانسة؟

أعتقد ان هناك تفسيران محتملان: واحد مبني على الهوية الأيديولوجية والآخر على أسلوب قيادة كلًا من أردوغان ورشيد الغنوشي, زعيم حركة النهضة التونسية. بداية بالمقارنة بالتونسيين فأهل تركيا يرتبطون بشدة أكبر بالأيديولوجية وبالحزب السياسي الذين ينتمون له.

طلب استطلاع القيم العالمي WVS من الناس في كلا البلدين تحديد وضعهم على معيار أيديولوجي من 1 (لليسار) حتى 10 (لليمين) , فوجد أن 18% من الترك و7% من التوانسة كانوا على يسار تدريج القياس بينما 35% من الترك و13% من التوانسة كانوا قريبين من النهاية اليمنى للمعيار. كان هناك توانسة في المنتصف أكثر من الأتراك , 39% مقابل 28%. وكان من المثير أيضًا ان أجاب 35% من التوانسة ب"لا أعلم" مقارنة ب5% فقط من الأتراك. العدد الأكبر من الوسطيين وغياب التشدد الأيديولوجي ربما ساعد السياسيين التوانسة ليكونوا أكثر مرونة ونفعية, مما مكنهم من الوصول لتفاهمات الحلول الوسط بين المجموعات العلمانية والدينية.

ثانيا, فإن أسلوب أردوغان الاستبدادي الاستقطابي في ممارسة السياسة قد خرب النزعة الدستورية التركية.
بينما أصبحت تونس قصة نجاح بشكل أساسي بسبب دور الغنوشي الإيجابي في العملية الدستورية. أردوغان ليس مثقفًا أو زعيم ديني. صحيح أنه قد حرّر النظام السياسي التركي في 2002 - 2011, لكنه منذ وقتها تحول بشكل متزايد لسلطوي وفاسد. بينما على الجانب الآخر فإن الغنوشي مثقف حقيقي لديه معرفة وفهم عميقين لكلًا من الفلسفة والتاريخ الغربي والإسلامي. منذ سقوط نظام بن علي أصبح الغنوشي صوت التمدين والعقل في تونس. وبدا أن لديه ثقافة وقيم واخلاص للديمقراطية أكثر من أردوغان. فبينما يترجم أدوغان أغلبيته ذات ال 52% بأنها تفويض يتيح له الإطاحة بإرادة نسبة ال 48% الباقية فإن الغنوشي يظل يذكّر مواطنيه بأن حتى نسبة أغلبية 60% في مجتمع منقسم وعندما لا تكون الديمقراطية مؤسسة فيه بشكل كامل فإنه لا يجب أخذها كتفويض للاستحواذ على السلطة.
===================================================
الكاتب يوكسال سيزجن أستاذ مساعد في علم السياسة ومدير برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة سيراكيوز
لمطالعة المقال الأصلي : أضغط هنا

Sunday, November 9, 2014

D1: درونز مسلحة للجميع خلال عشر سنوات

ملاح يقترب من درون طراز MQ-9 بمطار قندهار بأفغانستان
20 مارس 2014

خلال السنوات العشر القادمة سوف تتمكن كل دول العالم من بناء أو شراء طائرات بدون طيار (Drones درونز) قادرة على اطلاق الصواريخ. وسوف تستخدم الدرونز المسلحة في الاغتيال والارهاب وقمع الحكومات للاضطرابات السياسية. والأسوأ , كما يقول الخبراء , أن الوقت قد تأخر لتتمكن الولايات المتحدة من فعل أى شئ ازاء ذلك.

بعد النمو الهائل في العقد الماضي , ربما يبدو أن الولايات المتحدة هى الدولة الوحيدة التي تمتلك درونز مسلحة بالصواريخ. ولكن في الحقيقة فإن الولايات المتحدة تترك الاهتمام بتطوير المزيد من تكنولوجيا الدرونز المسلحة. حيث يخطط العسكريون لإنفاق 2.4 مليار دولار في عام 2015 على المركبات الطائرة غير المأهولة والتي تعرف اختصارا ب UAV. وهذا المبلغ أقل بالمقارنة بال5.7 مليار دولار الذي طلبتها القوات المسلحة في موازنة 2013 . وعلى العكس من الولايات المتحدة فقد أبدت دول أخرى اهتمامًا متزايد بجعل تقنية الروبوت بدون متحكم بشري قاتلة لأقصى حد ممكن. اليوم تمتلك فقط حفنة من الدول درونز مسلحة في الخدمة ومنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واسرائيل والصين واحتمال ايران وباكستان وروسيا. بينما تسعى دول أخرى منهم جنوب أفريقيا والهند لإمتلاكها. وحتى الآن تحاول 23 دولة تطوير أو طورت بالفعل الدرونز المسلحة, وفق ماجاء في تقرير حديث لمؤسسة راند. انها فقط مسألة وقت حتى تنتشر تلك التكنولوجيا المدمرة حسبما يقول العديد من الخبراء.

خريطة توضح الدول التي تستخدم الدرون

خريطة توضح الدول التي تطور برامج لتسليح الدرون
"بمجرد أن تقوم دول مثل الصين بتصدير هذه التكنولوجيا فإنها سوف تنتشر في كل مكان بسرعة. خلال العشر سنوات القادمة سوف تتمكن كل الدول من امتلاكها" كما صرح نويل شاركي أستاذ علم الروبوت والذكاء الاصطناعي بجامعة شيفيلد لموقعDefense One. "ليس هناك ما يخالف القانون بشأنها إلا اذا أستخدمتها لمهاجمة الدول الأخرى. أى شئ قانوني يمكنك فعله بطائرة مقاتلة يمكنك فعله بالدرون".

درون من طراز General Atomics Predator



وافق سام برانن, الزميل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والذي يقوم بتحليل الدرونزفي برنامج الأمن الدولي, على المدى الزمني المتوقع مع بعض التحفظات. حيث قال أنه في غضون خمس سنوات فسوف تتمكن كل الدول من الحصول على مكافئ مسلح للدرونز مثل طراز جينيرال أتوميك بريداتورGeneral Atomics Predator والقادر على اطلاق صواريخ الهيلفاير. وتوقع أن من خمس لعشر سنوات يعد زمنًا كافيًا لانتشار المركبات المقاتلة الأثقل والأوسع مدى مثل طراز MQ-9 Reaper. ومن العادل القول ان الولايات المتحدة الأمريكية تقود الآن فن صناعة الدرونز مثل طراز RQ-170


وفي موافقة حذرة تقول ماري كمنجز الأستاذ في جامعة ديوك والطيار السابق بالأسطول "أى دولة تمكنت من تسليح طائرة سوف تتمكن من تسليح الدرونز". "ورغم أنني أوافق على أنه خلال عشر سنوات يمكن أن تكون الدرونز المسلحة جزء من ترسانات معظم البلاد في العالم ولكنني أظن أنه من السابق لأوانه القول بأنهم سوف يفعلون ذلك , فتلك المساعى مكلفة وتتطلب درونز أكبر قادرة على رفع أحمال أكثر ما يتطلب مزيد من التعقيد الشديد فيما يتعلق بمحطات التحكم الأرضية".

 لا تحتاج كل الدول لتطوير برامج لصناعة الدرونز المسلحة الخاصة بها خلال العقد القادم. فقد أعلنت الصين مؤخرا عن تصديرها للدرون من طراز Wing Loongالمقابلة للطراز Predator , وهو التطور الذي ينذر بإستخدام المزيد من تقنيات الروبوت للصراع في الشرق الأوسط وفق لتقديرات بيتر سنجر , الزميل في بروكنجز ومؤلف كتاب (الأسلاك من أجل الحرب: الثورة الروبوتية والصراع في القرن الواحد والعشرين). "يمكننا قريبا ان نجد الدرونز المصنوعة في الولايات المتحدة تواجه الدرونز المصنوعة في الصين في نفس المنطقة" حسب قوله.

درون من طراز Wing Loong في عرض الطيران الصيني
14 نوفمبر 2012

ويحذر سنجر من أنه بينما تحاول الولايات المتحدة سحب نفسها من الاستثمار في تكنولوجيا الدرونز المسلحة فإن العديد من الدول الأخرى تتعلق بها . "ماكان يبدو يوما خيال علمي خارق للطبيعة أصبح الآن أمرًا طبيعيا .. قالت الأمم المشاركة في الناتو أنهم لن يشتروا الدرونز أبدا ثم قالوا أنهم لن يستخدموا الدرونز المسلحة والآن يقولون "حسنا , سوف نقوم بشراءها" , ولقد رأينا المملكة المتحدة وفرنسا وايطاليا يسيرون في ذلك الطريق. وبقية دول الناتو من خلفهم" حسبما أخبر سنجر موقع Defense one.

  
فعليًا يمكن لأى دولة أو منظمة أو فرد أن يستخدم التكتيكات منخفضة التكنولوجيا لتسليح الدرونز. "لن تكون كلها في مستوى طراز Predator , فهناك خط غير واضح بين صواريخ كروز والدرونز التي تتحرك للأمام. سوف تكون هناك الطرازات الراقية غالية الثمن والطرازات الرخيصة". واستخدام الدرونز في الاستطلاع وحتى التقارير التي نشرت عن نشر حزب الله للدرونز المفخخة تعطينا أمثلة عن الدرونز المصنوعة محليا والتي سوف تملئ السماوات في العقد المقبل - وان كانت السماوات المحلية للدول المضيفة وليس المدن الأمريكية. "لن تكون كل الدول قادرة على شن هجوم عالمي" كما يقول سنجر


الدرونز المسلحة محتومة : فلنتقبل ذلك

حسنًا , ماهو الخيار الذي يتركه ذلك لصناع السياسة في الولايات المتحدة والذين يرغبون في حوكمة انتشار هذه التكنولوجيا؟ عمليًا لا شئ حسب ما يقول الخبراء "أنتم متأخرون للغاية" يقول شاركي كأمر واقع

 يقترح خبراء آخرون أن الوقت قد حان للولايات المتحدة القبول بهذه الحتمية وعليها أن تضع تكنولوجيا الدرونز في أيدي المزيد من حلفاءها. وقد كانت الولايات المتحدة حتى الآن متحفظة في رغبتها في بيع الدرونز المسلحة, حيث قامت بتصدير تكنولوجيا UAV المسلحة للمملكة المتحدة فقط , حسب ماجاء في تقرير برانن لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية CSIS في يوليو 2013 , كما وافق الكونجرس على بيع 16 درون من طراز MQ-9 Reaper لفرنسا ولكن دون أن تكون مسلحة

 "لو امتلكت فرنسا واستخدمت الدرونز المسلحة عندما تدخلت في مالي لمقاتلة متمردين جماعة أنصار الدين - أو لو قامت الولايات المتحدة باستخدامها في دعم فرنسا أو مررت قدراتها - فإنها كانت ستساعد فرنسا كثيرًا. فجماعة أنصار الدين لا تمتلك دفاعات جوية قادرة على صد تهديد الدرونز" حسب ماذكر مؤلفون تقرير راند

 ويشدد برانن في تقريره اكثر على هذه النقطة حيث كتب "في وسط هذا الاهتمام العالمي المتزايد فإن الولايات المتحدة قد اختارت أن توقف مبيعات أكثر أنظمتها الجوية الآلية قدرة للعديد من حلفاءها وشركاءها, ما أدى بهذه البلاد للسعى للحصول على موردين آخرين أو للإنتاج المحلي لهذه الأنظمة, استمرار تردد الولايات المتحدة فيما يخص تصدير هذه التقنية لن يمنع انتشار هذه الأنظمة"
  
وكتب برانن أيضًا : "ربما تكون اتفاقية نظام مراقبة تقنية الصواريخ MTCR أهم آلية للسياسة الدولية لتحجيم التبادل في الدرونز وهى سبب مهم لعدم امتلاك المزيد من الدول تكنولوجيا الدرونز المسلحة. ولكن الصين لم توقع هذه الاتفاقية أبدًا. والطريقة المثلى للتأكد من قدرة الدرونز المسلحة المملوكة للولايات المتحدة والدرونز الآخرين المملوكين لحلفاءها على العمل معًا هو اعادة النظر في الطريقة التي يجب أن ان تنطبق بها اتفاقية MTCR على الدرونز.

"من غير المرجح أن يقوض التصدير الأمريكي لتكنولوجيا الدرونز الاتفاقية والتي تواجه تحديات أوسع فيما يتعلق بمنع انتشار صواريخ كروز والصواريخ الباليسيتية, مثلما هو الحال في مواجهة مشكلة أكبر هى مشكلة صواريخ الكروز الهجينة التي تسمى الذخائر المتلكئة (كمثال : الطائرة الاسرائيلية هاروب)


درون من طراز هاروب في معرض باريس الجوي
19 - 6 - 2014
مسلحة ؟ نعم . مسلحة ومستقلة ؟ ربما

التحدي التقني الأكبر في تطوير الدرون يعد أيضًا بالمكافأة الأكبر فيما يتعلق بتوفير التفقات والقدرة على العمل : التحكم الذاتي. يهتم الجيش بالدرونز القادرة على التحليق والهبوط واطلاق النار بمفردها. قدرة الدرونز على التوجيه الذاتي محدودة ولا تزال هناك سنوات تفصل بيننا وبين الدرونز التي تعمل بالكامل بدون تدخل بشري. ولكن بدأت بعض الاكتشافات الحديثة في الاثمار. "ويظهر الطراز الضخم من الدرون X-47B والقادر على الانطلاق من حاملة طائرات أن بعض المهام المتفردة والتي تعتبر خطيرة جدا في حالة تنفيذها عن طريق البشر يمكن تحقيقها بسهولة عن طريق الآلات" كما يقول برانن.


وبإنبهار أقل يقول شاركي أنه لايزال هناك وقت أمام الولايات المتحدة لإعادة التفكير في مستقبل دروناتها. "لا تخطو الخطوة التالية . لا تجعلوها آلية بالكامل. فهذا الأمر سوف ينتشر بأسرع مما تتصورون وعندها سوف تُغرقون حقًا".


يعارض آخرون - منهم سنجر - هذه الرؤية ويقول "بينما نتكلم عن التحرك خطوة للأمام فإن الدرونز التي قد بيعت واستخدمت يتم التحكم فيها عن بعد لتصبح أكثر استقلالية. ومع تطور التكنولوجيا المستخدمة فإنها تصبح أسهل للاستخدام البشري, لقيادة الطراز Predator كان يجب أن يكون المستخدم البشري طيارًا



"مجال التوجيه الذاتي سوف يستمر في التقدم بغض النظر عما يفعله الجيش الأمريكي"

==================================================

لمطالعة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية : أضغط هنا

ترجمه للغة العربية أحمد بدوي 9 نوفمبر 2014

D1: ثلاثة طرق وسع بها أوباما من سلطات الرئاسة في اعلان الحرب أكثر من بوش



وسع باراك اوباما بشكل دراماتيكي من فكرة متى يحق للرؤساء استخدام القوة دون اذن وترك ميراثًا استثنائيًا من استخدام سلطة الحرب. سوف يعزي التاريخ أهمية أكبر بكثير لتلك السوابق مما سنفعل. فهى سوف تسهل كثيرًا على الرؤساء شن الحروب بإرادة منفردة.قد يبدو هذا كلام صادر عن ناشط من النشطاء المعارضين للحرب. لكن في الحقيقة فهذه المقولة تعود لجاك جولد سميث مدير مكتب المشورة القانونية لفترة من ولاية ادارة جورج دبليو بوش. وهو ليس شخصًا ضيق الأفق فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية. ولكنه حدد - في خطاب حديث له - ثلاثة طرق وسع بها أوباما من سلطته في شن الحرب أكثر من أى محاولة لإدارة بوش.

والثلاث سوابق هى:
1) الفقرة الثانية في المادة الثانية من الدستور تنص على أن "يكون الرئيس قائداً أعلى لجيش وبحرية الولايات المتحدة، ولمليشيات مختلف الولايات عندما تدعى إلى الخدمة الفعلية لدى الولايات المتحدة." ويتفق الجميع تقريبًا على أن هذه المادة تعطي الرئيس سلطة صد الهجوم على أمريكا.  وفسرها الرئيس بوش على انها تعطيه الصلاحية لاستباق التهديدات الوشيكة.

لكن الرئيس أوباما أخد خطوة زائدة لقد استند لسلطاته المنصوص عليها في الفقرة الثانية لتبرير شن الحرب على ليبيا. "تدخل انساني صرف" بدون "أى منطق دفاعي معقول". وبينما لم يقصف سوريا بعد استخدام نظامها للأسلحة الكيماوية , فقد جادل في ذلك الوقت بأن الفقرة الثانية تعطيه صلاحية التصرف بشكل منفرد "لحماية الاستقرار الاقليمي" و"فرض المعايير الدولية" وهو المبدأ الذي سوف يفتح الباب لتشكيلة واسعة من الحروب التي تبدأ بإرادة منفردة. وكما يشرح جولد سميث "فصل استخدام القوة بهذه الطريقة الواضحة عن الدفاع عن النفس يعد تغييرًا كاسحًا"

2) قرار سلطات الحرب هو قانون صدر بعد نهاية حرب فيتنام ويحدد المدى الزمني الذي يحق للرئيس فيه شن الحرب بدون قانون من الكونجرس. وهناك جدل بشأن عدم دستورية بعض أقسامه. ولكن ادارة أوباما أصرت دائمًا على أنه قانون ملزم. ينص القانون على وقف الرئيس للقتال بعد 60 يوم إن لم يحصل على موافقة الكونجرس. في ليبيا شن أوباما القتال لمدة تتجاوز مهلة الشهرين. فماهى النظرية القانونية التي بررت هذا الاعتداء الواضح على القانون؟

"ببساطة قال الرئيس أن الحرب الجوية لسبعة أشهر والتي دمرت القوات الليبية وقتلت المئات من الناس وخلعت زعيم من السلطة لا تعد "قتالًا" , وبهذا فإن قانون قرار سلطات الحرب لا يسري على هذه الحالة" جولد سميث. وبهذا المنطق يمكن للرؤساء في المستقبل الأمر بشن غارات جوية لشهور وقتل المئات وتغيير الأنظمة بدون حتى الذهاب للكونجرس, طالما كانت الحرب من بعيد دون "بيادات على الأرض".

3) وما يعرف للعامة بالحرب على الارهاب تُشَن تحت السلطة القانونية للإذن بإستخدام القوة العسكرية المعروف اختصارا ب AUMF, والذي أصدره الكونجرس في 2011. والذي ينص على "الرئيس يحق له كل القوة المطلوبة والمناسبة ضد أولئك الأمم أو المنظمات أو الأشخاص الذين يجدهم خططوا أو وافقوا أو أرتكبوا أو ساعدوا الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 أو آووا مثل تلك المنظمات أو الأشخاص"

وبرغم ان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام لم يكن يوجد في 11 سبتمبر 2001 ولم يتم ربطه بالقاعدة فإن أوباما شن الحرب على تلك الجماعة تحت الترخيص القانوني لإذن AUMF.
*   *   *
القليل من الأمريكيين يفهمون الطرق التي جعل بها أوباما شن الحرب أمرا أسهل على الرؤساء المستقبليين. وهذا يعود في جزء منه للطريقة الغريبة التي أتخذ بها أوباما هذه الخطوات: حيث أتخذها وهو يدعي أنه ناقد لتوسيع السلطة التنفيذية 
ليس فقط هالة كونه أستاذ قانون دستوري وتحرري مدني. ولكنه أيضًا قال بالنص"لا يمتلك الرئيس السلطة الدستورية للأمر بهجوم عسكري في موقف لا يتضمن وقفًا خطرًا فعليًا أو متوقعًا على الأمة". وصرح بشكل قاطع "التاريخ يرينا أن التحرك العسكري يكون في قمة نجاحه عندما يأذن به ويدعمه الجناح التشريعي. من الأفضل دائمًا الحصول على موافقة الكونجرس مسبقًا على أى عمل عسكري".
وكما يوضح جولد سميث فإن هذه الكلمات تتناقض بشدة مع تصرفاته. يتبقى سنتان في رئاسته. وإن لم يغير من الطريق الذي يسلكه فأنه سوف يترك الرئاسة وقد سن سننا سوف ترفع المكابح عن ماكينة الحرب. الرؤساء في المستقبل سوف يقدرون على شن الحرب بدون موافقة الكونجرس في كل مكان عمليًا. هنا , في هذا الأسبوع تظهر بارقة أمن في طلبه أخيرا الموافقة التشريعية لمواصلة قتال تنظيم الدولة الاسلامية. "سوف أتقدم للكونجرس بطلب إذن باستخدام القوة المسلحة" أوباما

هل يقول الحقيقة هذه المرة؟ فلننتظر

 ========================================

لمطالعة المقال الأصلي باللغة الانجليزية : أضغط هنا
المقال على موقع نون بوست : أضغط هنا
ترجمه للعربية أحمد بدوي 9\11\2014